مواصفات الشخصية القوية

مكونات الشخصية القوية هي عبارة عن صفات وخصائص يمتلكها الفرد وتجعله مؤهلاً لمواجهة التحديات والصعاب في الحياة، وتمكنه من التعامل بشكل فعال مع الأشخاص والمواقف المختلفة و هي مرتكزة على فهم الذات و إدارتها و لذلك من المهم تعريف الذات، والذات: تشير إلى أجزاء الإنسان التي تعبر عن الكل، هي جسد الإنسان وروحه و نفسه و عقله و مشاعره و نجاحاته و إخفاقاته، هي معلوماته و أفعاله و ثقافته.

وهذه نبذة سريعة عن مكونات الشخصية القوية:

تقدير الذات:

يتمثل في رؤيتنا الإيجابية لأنفسنا وشعورنا بالرضا والثقة بقيمتنا كأفراد من دون الحاجة لتأكيدات من الآخرين، فالشخصية القوية هي تلك التي تعتمد على تقدير الذات العالي الذي يساعدها على التحلي بالثقة والقوة في مواجهة التحديات، فالعمل من أجل ثناء الناس هو وجه من وجوه انخفاض تقدير الذات، والأهم هو رأيي في نفسي وبدون الحاجة لأي سبب خارجي (كنوعية هاتفي، أو النسب، الشكل، المال )فأنا لا أقزم من نفسي ولا أضخمها، و أنزل الناس منازلهم الحقيقية وأنهم فقط بشر من خلق الله لا يضرون و لا ينفعون، و تقدير الذات هو وسط بين النرجسية و الدونية

الثقة بالذات:

وهي الشعور بالقدرة مع وجودها من خلال الاعتماد على نفسك ومهاراتك وقدراتك في مواجهة التحديات وتحقيق الأهداف، وهي متعلقة بالأداء من خلال الإجابة على هذا السؤال: هل أنا قادر في تلك اللحظة؟ والثقة بالذات هي وسط بين الاغترار والاحتقار.

توكيد الذات:

يتمثل في القدرة على التعبير عن أفكارنا ومشاعرنا بصراحة وصدق دون خوف من الانتقادات أو الرفض، ويساعد هذا المكون على بناء العلاقات الإيجابية مع الآخرين والتعامل مع الصعاب بشكل فعال، وهو أن تقول وتفعل ما تشعر به و تريده موازنا بين نفسك و الآخرين، تقديم الناس دومًا هو ضعف و ذلة، سوف تفقد بعض الأصدقاء و المعارف و هذا ثمن لتوكيد الذات الصحي، الحياة في العلاقات مثل اللعبة يجب أن يشترك بها الطرفين و إلا فما فائدة الطرف الثاني

تقبل الذات:

يتمثل في القدرة على قبول أنفسنا بكل ما يميزنا، سواءً كانت طبيعة شخصيتنا أو مظهرنا الخارجي أو قدراتنا وعيوبنا والشخص الذي يتمتع بتقبل الذات يحقق الراحة النفسية والثقة اللازمة لمواجهة التحديات وتحقيق الأهداف، وتقبل الذات هو وسط بين الإعجاب المطلق ورفض الذات، فلا نبالغ في التجمّل و إظهار المحاسن وهو استعراض بالمظهر و تسويق للنفس من خلال الجسد للحصول على القبول و الاستحسان، من قبل ذاته فقد قبل شكله بأي صفة كانت، المعاناة الحقيقية لبعض البشر هي في نظرتهم تجاه ذواتهم و ليس في شكلهم، الشكل هو مقياس من مقاييس البشر و لذلك تستمر في التغير بتبدل الأحوال و الأيام ، العبرة بالقيمة عند الله و ليس البشر.

وأخيراً، يمكن القول بأن الشخصية القوية تعتمد على توازن مثالي بين هذه المكونات، حيث يتمكن الفرد من الاعتماد على نفسه وتقدير قيمته وتحقيق الأهداف والتفاعل مع الآخرين بطريقة إيجابية ومتفاعلة وبناءة، ويمكن لأي شخص العمل على تنمية هذه المكونات لتحسين شخصيته وتحقيق النجاح في حياته.

و توكيد الذات هو أهم ركن ولو مارسته بشكلٍ صحيح ستشعر بانسجام رائع مع شخصيتك ولكن و للأسف قد يكون ضعيفًا في بعض مجتمعاتنا الإسلامية، وهناك عدة أسباب لذلك:

أولاً: قد تكون هناك ثقافة سائدة في بعض المجتمعات الإسلامية تحث على الصمت وعدم التعبير عن الرأي الخاص بالفرد، وهذا يمكن أن يؤثر على توكيد الذات ويحول دون تحقيق الشخصية القوية، مثل تبني ثقافة الصمت والعيب في مجتمعاتنا، المعلم لا يحب الطالب الذي يناقش ويعترض و الطالب المثالي هو الصامت و الهادئ، دورنا أن نهذب هذا الحق حتى يطلب بأدب، قال نبينا الكريم” فليقل خيرًا أو ليصمت” الخيار الأول أن يتكلم، كذلك عدم حب المجتمع للشخص المشاكس

ثانيًا: قد يكون هناك احترام زائد للشخص الكبير في العمر أو الوضع الاجتماعي، مما يمنع الشباب من التعبير عن رأيهم أمام هذه الشخصيات، ويؤثر سلبًا على توكيد الذات.

ثالثًا: قد يحدث التزييف والمجاملات في بعض الحفلات والمناسبات الاجتماعية، مما يؤدي إلى تربية جيل لا يتقبل التوكيد الصادق للذات، ويؤثر هذا على قدرة الشخصية على التعامل مع الصعاب والمشاكل، كمثال التزييف والمجاملات التي تحدث في حفلات نهاية السنة للطلاب والتي تبين بأن كل ما بالمدرسة جميل ومرتب ومنظم و هذه كفيلة بأن تهدم توكيد الذات لدى الطلاب.

وللتغلب على هذه العوامل السلبية، يجب أن يتم تشجيع الأفراد على التعبير عن رأيهم ومشاعرهم بكل صراحة وصدق، وأن يتم تعزيز توكيد الذات كمكون أساسي للشخصية القوية والناجحة. ويجب أن نتعلم كيف نوازن بين توكيد الذات وتقبل الآخرين، وأن نتعامل بصدق وإيجابية مع الآخرين، دون إهانتهم أو الانتقاص من شخصيتهم، وهذا سيساعدنا على تحقيق التوازن الصحي بين الحفاظ على شخصيتنا وال تعامل باحترام الآخرين. وللتحقق من أننا نعمل بصورة صحيحة، يمكننا الاستماع إلى أراء الآخرين وملاحظاتهم بكل احترام وتقدير، والعمل على تحسين أنفسنا بناءً على هذه الملاحظات.

وفي النهاية، يجب أن نتذكر أن توكيد الذات لا يعني التصرف بطريقة متغطرسة أو تعامل بشكل غير محترم مع الآخرين. ولكنه يعني أن نتعلم كيفية التعامل مع الصعاب والمشاكل بثقة وصدق، وأن نتعامل مع الآخرين باحترام وتقدير، دون الإساءة إليهم أو تقليل شأنهم، وإذا تمكنا من ذلك، فسوف نحقق النجاح والسعادة في الحياة ونتمتع بشخصية قوية وناجحة.

المرجع: كتاب الشخصية القوية للكاتب ياسر بن بدر الحزيمي (جزاه الله خيراً)

أضف تعليق